الاثنين، 28 نوفمبر 2011

عرض كتاب (تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق)


عرض كتاب (تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق)
للمؤلف عبد الغني الملاح
ولد عبد الغني يوسف أحمد الملاح، وهو أديب وباحث في الأدب والتراث الشعبي، والشؤون العراقية السياسية والوطنية، في مدينة الموصل سنة 1920، وفيها أنهى تعليمه الابتدائي والثانوي .كان منتميا إلى فرع الحزب الوطني الديمقراطي في مدينة الموصل، وأصبح سكرتيرًا له، وقد جره انتماؤه هذا إلى الاعتقال عام 1948، كما اعتقل عام 1956 بتهمة تحريض القصابين على الإضراب و نُفي إلى نقرة السلمان، توفي في سنة 2000.
من مؤلفاته التاريخية المطبوعة: تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق (الجزء الأول) المطبوع عام 1975، وتاريخ المجتمع العراقي وتطور ظاهرة الانسان الذي طبع عام 1974. وله آثار مخطوطة منها: نوري السعيد كما لم اعرفه. تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق (الجزء الثاني).
يعد كتاب(الحركة الديمقراطية في العراق) واحداً من اهم المصادر في ميدان تطور الفكر السياسي في العراق خلال التاريخ الحديث، لكون مؤلفه معاصر لاغلب الاحداث التي يتحدث عنها، فضلاً عن ذلك، فهو يستعرض، باسلوب تحليلي تاريخي، مراحل تطور الحركة الديمقراطية في العراق منذ اواخر العهد العثماني والى بداية الحرب العالمية الثانية معتمداً على عدد مهم من المصادر الاصيلة، وكان موفقاً، خلال تنقله بين فصول الكتاب، في تشخيص العوائق التي تسببت في نمو وتطور المفاهيم الديمقراطية في العراق. فهو يقول بان الديمقراطية في تلك الفترة كان ضرباً من الخيال، فالسلوك الديمقراطي كان قائماً برمته على المنافع، وعلى الكيد والتهافت والفردية، والتنافس في خدمة الاستعمار، والتسابق في واد القانون، الى جانب طغيان الطبقة الحاكمة.   
يقع الكتاب في 226 صفحة من الحجم المتوسط، ويضم عشرة فصول، يتحدث الاول عن جذور الوعي الديمقراطي في مطلع القرن العشرين وصناعة العرش في العراق، وينتقل في الفصول الاخرى الى الوزارات القوية، والمعاهدات، وظهور الجماعات السياسية والجمعيات والاحزاب، وينتهي بمفهوم الديمقراطية في الثلاثينات .
ونقرأ بين فصول الكتاب تصور جيد للمؤلف للاحداث التي مر بها العراق، ومن جملة ارائه حول جذور الوعي الديمقراطي في المجتمعات الشرقية ومنها العراق فيقول: بانه بسبب سيادة مفهوم، حق الملوك الالهي في الحكم، قاومت تلك المجتمعات لفترة طويلة مؤثرات النهضة وخصوصاً على الصعيد الفكري.
يضع الكاتب المسؤولية على المحتل البريطاني في تكريس الكثير من المفاهيم والسلوكيات غير الديمقراطية ومنها محاربة الاحزاب وتعطيل الصحافة الوطنية ولا سيما في فترات تمرير المعاهدات او فترات تمرير القوانين الاستثنائية ضد مطامح الشعب. ويقول ان اكبر خطأ ارتكبه المحتل هو اختيار وزارات تتألف اركانها الاساس من العسكريين، ويؤكد بان هذه المبادرة كانت بمثابة حجر الزاوية في الاجهاز على التطلعات الديمقراطية في العراق.
وحول قيام وزارة ياسين الهاشمي باستخدام العنف للقضاء على حركة الشيخ محمود، وعقدها لاتفاقية النفط بالشكل الذي اراده المحتل، يقول انها بذلك:" زرعت بذرة الشقاق المزمن في هاتين القضيتين على المدى البعيد".
وعن بروز الاحزاب يقول بان الاستعمار شجع تشكيل احزاب تمثل الفئة الحاكمة وتخدم مصالحه وتتكلم باسم الشعب، وكشف بعضها عن هويته الاستعمارية ومارس بعضها العمل السياسي بازدواجية ووجه مقنع بالوطنية، فهي كانت عبارة عن تجمعات عشائرية او تجمعات لتحقيق اهداف مؤقتة تولد وتموت وهي تحوم حول تلك الاهداف الظرفية الموقتة، وحول غرض نفعي خاص. لذا ان جميع هذه الاحزاب لم تتمكن من وضع تعريف دقيق لمعنى الديمقراطية ليكون اساساً اكاديمياً او دستورياً يعمل به. ومن هذا المنطلق يعطي المؤلف اهمية كبير لدور جماعة الاهالي ويقول بانها ظاهرة سياسية اصيلة واول مدرسة ديمقراطية نشأت لتحقيق الاهداف الوطنية.
كما ويهاجم المؤلف اسلوب قيادة الملك فيصل في ادارة البلاد، ويقول بان الشعب تحمل بعده نتائج اخطائه السياسية الكبيرة والكثيرة، ومنها التنافس على الحكم وظهور بوادر الفساد في سلوك المتصرفين والاداريين، واخطرها بروز ظاهرة تواطؤ الحكام الذين هم خارج الحكم مع العشائر لاسقاط الحكام الذين هم في الحكم من اجل المناصب لا غير، كذلك بروز ظاهرة رشوة الصحفيين للتشهير بالاخرين.
واخطر ما برز بعد ذلك، كما يقوله المؤلف، هو تدخل الجيش في السياسة، فيتحدث عن حركة بكر صدقي ويقول بانه اتخذ اتجاهاً فردياً واعتمد على العنف في تمشية امور الدولة مما خيبت امال الشعب في القضاء السريع على اثار الظلم واطلاق سراح المعتقلين السياسين وفتح النقابات والصحف المعطلة، والحفاظ على المؤسسات الدولة الدستورية.



فرهاد محمد احمد
‏30‏/10‏/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق