الاثنين، 28 نوفمبر 2011

الانتخابات النيابية في العراق عام 1954


الانتخابات النيابية في العراق عام 1954
        نصت قوانين الانتخابات التي سنت في العراق، وبرامج الوزارات وتصريحات المسؤولين، على حرية الانتخابات النيابية، لكن التجارب الانتخابية اثبتت عكس ذلك. فالحكومة كانت تتدخل بشكل مباشر في الانتخابات، وتعد قوائم ترشيح خاص بها، تسمى قائمة الحكومة([1]). لذا ازدادت المطالبة الشعبية، تقودها الاحزاب، من اجل اجراء انتخابات نزيهة، فتالفت وزارة جديدة في 29 نيسان 1954 برئاسة ارشد العمري، وعهد لها امر القيام باجراء انتخابات نيابية جديدة، فامرت بحل مجلس النواب الذي انتخب في ظل وزارة نورالدين محمود في كانون الثاني عام 1953 وحددت يوم 9 حزيران موعداً لاجراء الانتخابات، ووعددت بانتخابات حرة، ومعاملة الجميع بروح العدل والمساواة([2]).
        وجدت الاحزاب العراقية انه من الضروري انتهاز الفرصة والمشاركة في تلك الانتخابات رغم تشكيكها في مقدرة وزارة ارشد العمري على تهيئة الشروط الملائمة لاجراء الانتخابات الحرة، واعتقادها بانها ستلاقي مقاومة عنيفة من قبل اجهزة السلطة([3]). واعلنت جميع الاحزاب المشاركة في الانتخابات، ولتوحيد جهودهم، قرروا تاسيس جبهة وطنية انتخابية في 12 ايار 1954، وضمت احزاب: الاستقلال والوطني الديمقراطي والشيوعي ومنظمة انصار السلام وعدداً من المستقلين، وايد كل من حزب البعث العربي الاشتراكي والديمقراطي الكوردستاني الجبهة([4]).
        دعا الميثاق الذي اعلنه الجبهة الى: اطلاق الحريات الديمقراطية ومنها حرية الرأي والنشر والاجتماع  والتظاهر والاضراب وتأليف الجمعيات والاحزاب، والدفاع عن حرية الانتخابات، كذلك دعا الى الغاء معاهدة عام 1930، ورفض المساعدات الامريكية، والغاء امتيازات الشركات الاحتكارية، والتضامن مع الشعوب العربية في مصر والمغرب وتحرير فلسطين([5]).  
نلاحظ عدم تطرق الميثاق الى القضية الكوردية، ويبدو ان السبب في ذلك يعود الى ان احزاب الجبهة وجدت في طرح مسألة حساسة مثل القضية الكوردية على بساط البحث في تلك الفترة سوف تزيد من تصلب موقف الحكومة منها ويستغلها في إثارة الشعور القومي لدى العرب ضد الجبهة، كما ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني في تلك الفترة لم يكن بمستوى من القوة لدى الجماهير في الساحة العراقية.
سارت الحملات الانتخابية في البداية سيراً حسناً، وبلغ عدد مرشحي الجبهة الوطنية في مختلف مناطق العراق (37) مرشحاً، ولكن الحكومة خشيت من ان تكون نتائج الانتخابات في غير صالحها، فعملت على مقاومة مرشحي الجبهة وبعدة طرق منها منع الاجتماعات والتضايق عليهم، والقاء القبض على المرشحين بحجج واهية، فمثلاً اعتقلت الشيخ محمد رضا الشبيبي في النجف، وعلى عبدالكريم الماشطة في الحلة، وعلى ابراهيم احمد وعمر مصطفى و(16) شخصاً اخر ولم تطلق صراحهم الا بعد الانتخابات([6]).
اسفرت الانتخابات عن فوز حزب الاتحاد الدستوري بـ(51) مقعداً، وحزب الامة الاشتراكي بـ(21) مقعداً، والجبهة الوطنية بـ(10) مقاعد، مما جعل احزاب الجبهة تنتقد نتائج الانتخابات، والتدخل الحكومي السافر فيها([7]). ولم تكترث الحكومة هي الاخرى بمجلس النواب الجديد فاجتمع لمرة واحدة في 26 تموز 1954([8]).
        فرهاد محمد احمد
       ‏30‏/10‏/2011
         


([1])  عادل غفوري خليل، احزاب المعرض العلنية في العراق 1946-1954، (بغداد، 1984)، ص 254.
([2])  فيصل حسون،صحافة العراق ما بين 1945-1970، (د.م، د.ت)، ص141.
([3]جعفر عباس حميدي(الدكتور)، التطورات والاتجاهات السياسية الداخلية في العراق 1953-1958، (بغداد، 1980)، ص
([4])  عبد الفتاح علي البوتاني( الدكتور)، موقف الاحزاب السياسية العراقية من القضية الكوردية 1946-1970، (دهوك، 2007)، ص 42.
([5]حميدي، المصدر السابق، ص ص 88-89.
([6]المصدر نفسه، ص 91.
([7]المصدر نفسه، ص 93.
([8]البوتاني، المصدر السابق، ص 43.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق