الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

كتاب(قوميو العراق وشبهة الميول الفاشية)


كتاب(قوميو العراق وشبهة الميول الفاشية)
عرض: فرهاد محمد احمد   
يؤرخ كتاب(قوميو العراق وشبهة الميول الفاشية ثلاثينيات القرن العشرين ومطلع الاربعينيات لمؤلفه الدكتور بيتر فين  وترجمة: مصطفى نعمان احمد والذي نشر من مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي، الطبعة الاولى، بيروت  2010)  لفترة تاريخية متميزة من تاريخ العراق المعاصر وهي فترة الثلاثينات ومطلع الاربعينات، حيث شهد العراق في هذه الفترة صراعاً بين الجيل القديم المؤسس للدولة العراقية وكان اغلبهم من خريجي المدارس العثمانية والجيل الجديد من خريجي المدارس الحكومية والجامعات الذين انتقدوا  اسلوب الجيل القديم في ادارة الدولة سيما في علاقاته مع بريطانيا الدولة المنتدبة على العراق، وشكلوا تياراً مناهضاً داخل المجتمع العراقي، ولما كان حينذاك تتجه عدد من الدول الاقليمية ومنها تركيا وايران وعدد من الدول الغربية ومنها المانيا لاتخاذ من الفكر القومي العنصري منهجاً لهم تاثر مجموعة ليست بالقليلة من الضباط والصحفيين والسياسيين العراقيين بذلك الفكر وبالتجربة الالمانية في بناء الدولة.
ومع ذلك يفند هذا الكتاب بالتحليل الموضوعي، السرد الاحادي الطابع، للميول العراقية المؤيدة للنازية وبالتالي هي ترفض تحليل محبة المانيا في نفوس الضباط وتاثير الشخصية القومية ساطع الحصري في مناهج التاريخ المقررة في المدارس وتاثير الدعاية الالمانيا. كذلك ترفض عد حركة رشيد عالي الكيلاني في عام 1941 بوصفها تعبير عن موقف ايديولوجي عام مؤيد للنازية تبنته القيادة والشعب في العراق. او ان يكون لاحداث مجزرة اليهود عام 1941 في بغداد صلة مباشرة بالدعاية الالمانية. وان يكون لشعار (عدو عدوي صديقي) باعتبار ان المانيا حليف طبيعي للرازحين تحت الحكم البريطاني، تاثيراً كبيراً في الميول العراقية النازية والفاشية. 
يعطي الكاتب الكثير من الادلة لإثبات فرضيته تلك فيتطرق الى المرتكزات التي توقفت عليها البناء السياسي العراقي، فيحلل الخلفيات الاجتماعية والثقافية للضباط والحفيين من الجيل القديم وجيل الافندية من خلال دراسة مذكراتهم الشخصية، ويذكر من الجيل القديم: علي جودت الايوبي وناجي شوكت وجعفر العسكري، ومن الجيل الافندية يذكر عبد الامير علاوي، رفائيل بطي، محمدمهدي كبة علي محمود الشيخ علي، طالب المشتاق. ويؤكد بان الملك فيصل كان يراعي التوازن بين الجيلين ولكن وبعد وفاته ومع وصول الملك غازي بدأت المشاكل والمنافسة بينهم وصلت الامر الى استخدام العشائر ومن ثم الاستعانة بالجيش للوصول الى السلطة.
وعن ميول هؤلاء النازية، يذكر، بعد دراسته لمذكراتهم،  بانهم قلما اشاروا الى النشاط النازي في العراق، فمثلاً ينقل عن طالب مشتاق قوله:" بان النازية لم يكن لها تاثير عام في العراق وليس من العدل ربط المقاومة ازاء التحالف بالعاطفة العراقية تجاه النازية".
ويعطي اهمية كبيرة لدراسة المذكرات التي كتبها بعض اليهود، فيحلل مذكرات انور شاؤول ومنشي زعرور وابراهيم الكبير، ويناقش افكارهم وطروحاتهم للواقع العراقي خلال مدة دراسته، فيقول بان لها دوراً مهماً في الصاق تهمة تعامل بعض من في دسة الحكم والصحفيين مع المحور، فيذكر عن شاؤول قوله عن رشيد عالي الكيلاني : انه كان يؤكد في محاضراته عن اهمية القانون وبعدما اصبح رئيساً للحكومة خرق القانون وسلك طريق النازية. ويقول عن يونس السبعاوي بانه كشف عن علاقته مع النازيين بترجمته لكتاب هتلر كفاحي واشتراكه في حكومة رشيد عالي الكيلاني عام 1941.
واخذت الصحافة حصد الاسد في الكتاب، فبدا الكاتب بدراسة الصحافة العراقية وتطورها وموقف الحكومة منها، وعن ميولها في الثلاثينات يقول بانها اشارت وبطرق مختلفة الى المانيا النازية والفاشية، ومع ذلك يؤكد من خلال دراسته لعدد من الصحف ركز بشكل اساسي على صحيفتي الاستقلال لحزب الاخاء الوطني برئاسة ياسين الهاشمي وجريدة البلاد لصاحبها رفائيل بطي وهي اهلية، فالصحيفة الاولى كانت لها ميول فاشية واما الثانية فوقفت بالضد من تلك الميول. ومن خلال عرضه لنماذج كثيرة من المقالات يؤكد بان الميول الصحف العراقية لم تكن نازية، سيما ان اكثرية الصحف وقفت ضد الاعلان الالماني في 23 تشرين الاول 1940، وكان الاعلان حصيلة للاتصالات الدبلوماسية السرية بين عدد من القوميين العرب في العرب ممثلين بالمفتي امين الحسيني والضباط الاربعة من جانب ووزارة الخارجية الالمانية من جانب اخر حول امكانية الدعم الذي يقدمه دول المحور للعراق.   
ويرد الكتاب ان يكون تشكيل الكشافة والفتوة في العراق في بداية الثلاثينات مثالاً بارزاً لمحاكاة الرمزية الفاشية والنازية، بان هؤلاء الفتية كانوا يقدمون التحية بذراع مرفوع الى الامام كالتحية النازية، ويقول بان ذلك ناتج من النظام التعليمي في العراق لخلق جيل قوي.        
          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق