الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

جبهة الاتحاد الوطني عام 1957


جبهة الاتحاد الوطني عام 1957
يعود فكرة تشكيل جبهة وطنية في العراق الى الحزب الشيوعي العراقي، حيث ناد بهذه الفكرة في اواخر الحرب العالمية الثانية عندما دعا الجماعات الديمقراطية الى تشكيل جبهة وطنية موحدة، لكنهم رفضوا تلك الفكرة وطالبوا بتشكيل حزب واحد من جميع التيارات السياسية، مما رفض الحزب الشيوعي من جانبه تلك الفكرة وضمن كراس محمد حسين الشبيبي عضو المكتب السياسي للحزب الذي نشر عام 1946 بعنوان(الجبهة الوطنية الموحدة طريقنا وواجبنا التاريخي) شرحاً وافياً لنبذ فكرة تشكيل حزب واحد وبيان اهمية تشكيل جبهة وطنية([1]).
دفعت الظروف التي كان يمر بها العراق داخلياً وخارجياً الاحزاب السياسية الى التفكير بالتعاون فيما بينها لشعورها بعدم قدرتها على تحقيق المطالب الشعبية كل على انفراد، فتسببت الظروف التي كان يمر بها القضية الفلسطينية الاحزاب العراقية الى تشكيل( جبهة الدفاع عن فلسطين عام 1947)، وعقد حكومة صالح جبر لمعاهدة بورتسموس عام 1948 ادى الى تشكيل( لجنة التعاون الوطني عام 1948). كذلك جرت محاولة مهمة من قبل كامل الجادرجي رئيس حزب الوطني الديمقراطي لتشكيل جبهة باسم(الجبهة الشعبية المتحدة) وقدم طلباً في 1951 الى وزارة الداخلية لاعلان الجبهة لكنها رفضت الطلب. كما تشكل اثناء انتخابات المجلس النيابي عام 1954 جبهة من الاحزاب العراقية باسم (الجبهة الوطنية المتحدة) ([2]).
        مهدت تلك المحاولات الجبهوية السابقة الاحزاب العراقية الى التفكير بشكل جدي لتشكيل جبهة واسعة، سيما بعد دخول العراق لحلف بغداد عام 1955 والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، فبدأت المحاورات اولاً بين الحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي ثم بين الشيوعي وحزب البعث والاستقلال، نتج عن ذلك تشكيل جبهة عام 1957 باسم ( جبهة الاتحاد الوطني) وصدر بيانه الاول قي 9 اذار 1957 شرحت فيه اسباب قيام الجبهة ومهامه ومن اهدافه الوطنية: تنحية وزارة نوري سعيد وحل المجلس النيابي، والخروج من حلف بغداد، اطلاق الحريات الديمقراطية في البلاد، والغاء الادارة العرفية واطلاق سراح السجناء([3]).
ولم يشارك البارتي في الجبهة بسبب رفض القوى الممثلة في الجبهة لذلك، فهناك راي يقول بان حزب البعث والاستقلال رفضا دخول البارتي اول الامر لكنهما تراجعا غير ان  البارتي  نفسه تلكأ في ارسال ممثليه الى الجبهة في حينه. واكد صالح السعدي :" بان حزب البعث العربي الاشتراكي رفض ضم الحزب الديمقراطي الكردستاني الى جبهة الاتحاد الوطني بسبب الطبيعة العشائرية لقيادته وكذلك لعمالة الملا مصطفى البارزاني للمخابرات البريطاني والذي كان الرئيس الاسمي للحزب"([4]). في حين ان البارتي حمل الحزب الشيوعي مسؤلية بقائه خارج الجبهة وقد أوضح ذلك في المذكرة التي قدمها إلى الحزب الشيوعي العراقي في 18 تشرين الأول 1958، جاء فيها: "... إننا نحمل حزبكم (الحزب الشيوعي العراقي) المسؤولية المباشرة في بقائنا خارج جبهة الاتحاد الوطني.." ([5]).
اصدرت الجبهة بيانات اخرى ومنها بيان الجبهة في 5 ايلول 1957  بعنوان" حول الوضع العربي الراهن ومهام حركتنا الوطنية" كذلك البيان الصادر في 10 تشرين الاول 1957 بعنوان" حول الوضع في العراق ومطالب الشعب" و البيان الصادر في 11 تشرين الاول 1957 الذي طالب فيه باطلاق سراح كامل الجادرجي واطلاق سراح كل السجناء. والبيان الصادر في 29 تشرين الاول 1957 بعنوان" بيان الجبهة في ذكرى العدوان على مصر" ، والبيان الصادر في 14 تشرين الثاني 1957 بعنوان " الاتحاد العربي امنية العرب العظمى"([6]).
        ونظراً لما كان يحدثه بيانات الجبهة من تاثير على الشارع العراقي عملت الجهات الامنية بجد على الاستلاء على المطبعة التي كان يطبع فيها بيانات الجبهة، فتهيأت لدى دوائر الامن معلومات عن ان المطبعة موجودة في بيت حكمان فارس قادر الربيعي عضو الحزب الشيوعي فقبضت عليه في 12 تموز 1958 اي قبل ثورة 14 تموز بيومين واستولت على مطبعة الجبهة([7]).
        وكانت جبهة الاتحاد الوطني على علم حول قيام تنظيم الضباط الاحرار بالثورة في 14 تموز 1958 حيث فاتحت اللجنة العليا لتنظيم الضباط الجبهة واستفسرت عن مدى استعدادها للمشاركة في الحكم، ونوقش هذا الموضوع في اجتماع ضيق وبمحادثات على اعلى المستويات بين قادة الاحزاب الممثلة في الجبهة وتقرر مبدئياً دعم الثورة وانجاحها ([8]).



([1])  جعفر عباس حميدي، التطورات والاتجاهات السياسية الداخلية في العراق 1953-1958،(بغداد، 1980)، ص 136.
([2])  ليث عبد الحسين الزبيدي، ثورة 14 تموز 1958 في العراق، (بغداد، 1981)، ص 83-86.
([3])  الزبيدي، المصدر نفسه، ص 91-92.
([4])  المصدر نفسه، ص 97، هامش (31).
([5])  ينظر، نص البيان في: البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية، الكرد وثورة 14 تموز 1958 – 14 تموز 1958– 11 أيلول1961، (كردستان، 1991)، ص ص 293 – 294. الوثيقة رقم (33).
([6])  المصدرنفسه، ص 96.
([7])  حميدي، المصدر السابق، ص 245.
([8])  الزبيدي، المصدر السابق، ص 98.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق