الاثنين، 28 نوفمبر 2011

كتاب( الديمقراطية في العراق)


كتاب( الديمقراطية في العراق)
عرض فرهاد محمد احمد
اسم الكتاب: الديمقراطية في العراق –الجزء الاول
اسم المؤلف: محمود العبطة المحامي
الناشر: مطبعة النعمان – النجف، 1960
عدد الصفحات: 185 صفحة
يستعرض الكتاب بشيء من التحليل الدقيق تطور الحياة الديمقراطية في العراق منذ اعلان الدستور العثماني عام 1908 والى عام 1960، يركز على الاحزاب والصحافة بالدرجة الاساس، فيبين دورها في الدفاع عن الحريات الديمقراطية وموقف الحكومات العراقية المتعاقبة منها.
يبدو واضحاً ان الكاتب ينتمي الى الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يرأسه السياسي العراقي المعروف كامل الجادرجي، فهو يركز على تاريخ هذا الحزب وصحافته في اغلب فصول الكتاب، مما يعطي انطباع للقارئ بانه يختزل تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق بتاريخ هذا الحزب، او ان ذلك الحزب هو الذي كان يقود الحركة الديمقراطية ويدافع عن الحريات الديمقراطية، ولهذا يمكننا القول بان الكتاب يمثل وجهة نظر الحزب الوطني الديمقراطي.
اما بالنسبة لكاتب التعليقات على الكتاب، الذي لم يقرأ الكتاب بأكمله، لان تعليقاته تتوقف عند الصفحة (83)، فيبدو انه يوافق الكاتب في طروحاته النقدية للعهد الملكي، ولكن عندما ياتي الى ذكر الحزب الشيوعي او الحزب الديمقراطي الكوردستاني تظهر تعليقاته التي تندد بالحزبيين ووصفهما بالعمالة والتبعية، ولا ينسى بعض الاحيان ان يقول للكاتب ان النظام الاسلامي افضل النظم الديمقراطية التي يجب ان يتبعها العراق والعالم وهنا تبرز بوضوح الميول الدينية السياسية لكاتب التعليقات.
يبدأ الكتاب بلمحة سريعة عن الموروث الديمقراطي في العراق، ويقول بان للديمقراطية جذور عميقة في التاريخ العراقي ويستشهد بالمجالس النيابية لدى البابليين والاشوريين، وان تلك الحركة" الديمقراطية" توقفت خلال عهود الاحتلال ليصل الى المناخ الديمقراطي الذي اوجده الدستور العثماني الذي اعلن في عام 1908.
ويقول بان الطريقة التي تأسس بها الدولة الملكية في العراق وتنصيب الملك فيصل كملك عليها، لم تكن ديمقراطية، وان الغرض من الصلاحيات الواسعة للملك في القانون الاساسي(الدستور) هو:" لتثبيت الاستعمار عن طريق سند النظام الملكي".
يعطي الكاتب، وهو محق، اهمية كبيرة للدور الذي قام به جماعة الاهالي في العراق ويقول بانها اول مدرسة ديمقراطية في العراق ولعبت دوراً كبيراً في بلورة الافكار والتعاليم الديمقراطية الصحيحة لدى المواطن العراقي وفهمه عما يجري في الساحة العراقية من اعمال منافية للديمقراطية.
كما وناقش الكاتب موضوعاً قانونياً، بحكم كونه محامي ومختص، وهو انشاء المحاكم العسكرية بعد اعلان الوزارات للاحكام العرفية، ويقول بالرغم ان القانون الاساسي العراقي غير ديمقراطي الا انه لا يتضمن اي نص على جعل المجلس العرفي عسكرياً. ويذكر بان اول مرة اعلن فيه الاحكام العرفية كان في الديوانية في 11 ايار 1935.
يفرد الكاتب للاحداث التي رافقت عقد معاهدة 1930 وما تبعها من احداث اهمية كبيرة ويقول بانه شاع جو من الاساليب اللاديمقراطية من غلق الاحزاب والنقابات واعلان الاحكام العرفية والقتل الجماعي ومصادرة كافة الحريات العامة ولا سيما الصحافة حيث اغلقت الحكومة كل من جريتي البيان وصوت الاهالي. تلك الاحداث التي مهدت الى تدخل الجيش في السياسة، ويسمي الانقلاب العسكري الذي قام به بكر صدقي عام 1936 بالانقلاب الديمقراطي ويدعو بكر صدقي بالشهيد. وان الانقلاب ارغم البلاط" الفاسد" لاول مرة في تاريخ العراق على قبول وزارة يقدم اسمائها ابناء الشعب. تلك الوزارة التي اطلقت الحريات العامة.
اما عن الجو الديمقراطي الذي ساد في العراق بعد الحرب العالمية الثانية، فيقول بان الديمقراطية اصبحت:" شعاراً لرجل الشارع" وعلى اثر ذلك يظهر لاول مرة على المسرح السياسي سياسيون لا يزكيهم البلاط ولا الفيئة الحاكمة ولا قصر السفير البريطاني. وبالنسبة للاحزاب التي تقدمت بالاجازة يورد معلومة مهمة وفريدة عن الحزب الديمقراطي الكوردي فيقول بان الحكومة لم تجز حزبين هما الحزب الشيوعي العراقي  والحزب الديمقراطي الكوردي، مما يعني ان الحزب الديمقراطي الكوردي هو الاخر طالب الاجازة الرسمية مع الاحزاب العراقية عام 1946 .
لم يستمر المسيرة الديمقراطية وانما انتكست بعد مدة قصيرة فلم تتحمل الحكومة المعارضة التي بدأت تفرض رقابة شديدة على الحياة الحزبية وصحافتها واغلقت واحدة تلو الاخرى تمهيداً لربط العراق بالغرب من خلال الدخول ضمن الاحلاف الاستعمارية كما يقول الكاتب. واستمر قهر الحكومات العراقية للحياة الديمقراطية الى ثورة الرابع عشر من تموز 1958 والتي يسميها الكاتب بالثورة الديمقراطية، ولانه معاصر لتلك الثورة واحد المنتمين للحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان علاقاته جيدة في البداية مع الزعيم عبد الكريم قاسم فلا يهاجم سياسته وينعت الخطوات التي قام بها بالديمقراطية، ويهاجم الحزب الشيوعي الذي كان يدافع عنه في العهد الملكي. وعند تطرقه الى ذكر مواقف الاحزاب من تجميد الحزب الوطني لنشاطه عام 1959 يذكر بان البارتي ايد موقف الحزب وخطا خطوة مماثلة، في حين ان البارتي في ذلك الوقت كان يساند الحزب الشيوعي، بوجود الكتلة المؤيدة له في قيادة البارتي الممثلة بحمزة عبدالله وصالح الحيدري ونزاد احمد عزيز اغا وحميد عوسمان وخسرو توفيق، واعلن على صفحات جريدة خه بات بياناً بهذه المناسبة نددت فيه قيام الحزب الوطني بتجميد نشاطه تلبية لرغبة عبدالكريم قاسم.


‏20‏/11‏/2011
                     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق